إنتشرت لدى الملوك الأمازيغ بشمال إفريقيا، عادة الزواج من نساء خارج أوطانهم، وقد كان هذا يعكس مدى هيبتهم وذكائهم… والعكس من هذا الأمر، كان يقابل بالسخرية والإستنكار من طرف الشعوب، أولئك الملوك الذين يتزوجون من أوطانهم، ويعتبرونهم ملوكا “غير مؤهلين”.
هنا نستذكر أشهر ثلاثة ملوك، قاموا بالزواج من ممالك أخرى:
– أولا: الملك يارباس أو هيرباس؛ ملك مملكتي نوميديا الأمازيغية ما بين 82 و 84 قبل الميلاد، وقرطاج (تونس حاليا)، حيث أغار على هذه الأخيرة، عقب حكم الفينيقيين، وتزوج من ملكتها الفينيقية أليسار، (ديدون وعسيلة بالعربية)، التي إنتحرت مع مجموعة من كهنتها في ما بعد، بسبب وفائها لزوجها السابق “أنياس” عبر إلقاء أنفسهم في النار.
– ثانيا: أشهر ملوك الأمازيغ.. الملك ماسينيسا؛ ملك نوميديا الأمازيغية ما بين 148 و 202 قبل الميلاد، وموحدها إضافة إلى مملكتي قرطاج (تونس) وموريطانيا (المغرب حاليا).
كان ماسينيا قد خطب من قرطاج ملكتها الفينيقية “صفبعل” أو “صفونة بعل” لكنه تم التراجع عن هذا الرباط، من طرف القرطاج الفينيقيين، وزوجوا صفونة بدلا من ماسينيسا ل “سيفاكس” إكراما لتمرده على الرومان، وموالاته لهم، وكذا إنتقاما من ماسينيسا، الذي تحالف مع الرومان ضدهم، وكره تواجد الفينيقيين على أرض شمال إفريقيا وقرطاج. حيث إندلعت بعدها مجموعة من الحروب، بين نوميديا وقرطاج سميت ب “الحروب البونيقية” إنتصرت فيها نوميديا، وقتل سيفاكس، وبعده زوجته صفونة التي إنتحرت خوفا من بطش ماسينيسا.
وحد بعد ذلك ماسينيسا أغلبية الأمازيغ تحت لواء “نوميديا الكبرى” وإستطاع بناء جيش لا يقهر إنطلق به لمجابهة الإمبراطورية الرومانية من جديد.
يشار إلى أن الملك ماسينيسا هو صاحب مقولة “إفريقيا للأفارقة” (رفضا للإحتلال الروماني) التي كانت تعني في وقته شمال إفريقيا فقط، وليس كل القارة السمراء.
-ثالثا: الملك يوبا الثاني، حاكم مملكة موريطانيا، وقد تزوج هو الأخر من ملكة خارج مملكته. ويتعلق الأمر ب“كليوباترا سيليني” (إبنة كليوباترا السابعة، حاكمة مصر الفرعونية)، حيث تواجدا قيد الأسر بروما، إبان الإحتلال الروماني لمصر، وقد زوجت ليوبا الثاني من طرف الإمبراطور الروماني أنطوان، بعد فوز يوبا بمجموعة من الألعاب الأولامبية؛ وعينهما معا حاكمين بالإشتراك، وملكين على موريطانيا.
بعد وفاة كليوباترا سيليني، إتجه يوبا الثاني بعيدا عبر المتوسط، إلى حدود آسيا الصغرى، وطلب من أرخيلاوس ملك قباقوديا، يد إبنته كلافيرا. لكنه أعادها إلى وطنها بعد عام لأسباب غير معروفة.
في رأيك ما سبب تفضيل ملوك الأمازيغ الزواج من خارج أوطانهم؟
مصادر:
– كتاب من أبطال المقاومة الأمازيغية، للدكتور جميل حمداوي.
– مؤلف دانتي أليغييري، بورغاتوريو.
– تاريخ الأمازيغ المنسي، جوبا الثاني ملك الموريين المفكر العالم وزوجته كليوبترا سليني سليلة ملوك البطالمة المصريين. مقال موقع الحوار المتمدن الحوار المتمدن العدد 1881.
ريف بريس: أمين أوطاح