يشهد المغرب تضخما في مؤسسات غير مجدية بينما يعيش خصاصا في الأطر في قطاعي التعليم والصحة، ومن ضمن هذه المؤسسات التي لا معنى لوجودها المندوب الوزاري لحقوق الإنسان الذي أصدر تقريرا يصب فيه الزيت والنفط والبترول والغاز و..على الحراك الشعبي في الريف.
وهكذا وفجأة، أطل هذا المندوب الوزاري منذ أيام بتقرير تقييمي حول الحراك الشعبي في الريف يحمل المسؤولية للشباب الذين خرجوا للتظاهر مطالبين بالحق في الحياة الكريمة من تطبيب وشغل وتعليم. وتضمن معطيات مثيرة للغاية مثل الحديث عن الملثمين، وكأن هذا المندوب وحده رصد هؤلاء الملثمين الذين لم تتحدث عنهم تقارير الشرطة والاستخبارات ولا الصحافة.
والتقرير له أهداف سياسية محضة ولا يحمل من حقوق الإنسان أي طابع، فهو جاء للرد على التقارير الوطنية والدولية التي نددت بما جرى في الريف، كما أنه جاء للقيام بدور رفضته وزارة حقوق الإنسان والحريات والمجلس الوطني لحقوق الإنسان في عهد الرئيس السابق إدريس اليزمي الذي أصدر تقريرا يؤكد فيه وجود التعذيب وتجاوزات، وهو ما تعمد المندوب الوزاري تجاهله، وهنا نجهل المعايير الأخلاقية التي اعتمدها في التقييم؟
المغرب لا يحتاج في الوقت الراهن لمثل هذه التقارير ولا الى شخصيات من نوع شوقي بنيوب لأنه تقرير يصب النار على ملف شائك للغاية سواء في الوقت الراهن أو المستقبل. يحتاج المغرب الى لجنة حكماء حقيقية بعيدا عن منطق التملق والوطنية الرخيصة السطحية بل الوطنية الحقيقية لمعالجة ملف الريف وباقي الانتفاضات الاجتماعية من أجل العيش الكريم في مغرب تتفاقم فيه الفوارق الاجتماعية بشكل مرعب، نعم لجنة حكماء ترسي وتعزز من الثقة المتبادلة بين الفاعلين وليس نهج سياسة الانحياز الأعمى، نعم لجنة حكماء تسطر على أن الفساد وغياب المسؤولية وتفضيل التملق على الكفاءات هو سبب شرور المغرب في الوقت الحالي.
وجود مندوبية حقوق الإنسان يطرح تساؤلات عن جدوى مؤسسات لا محل لها من الإعراب، إذ يكفي العمل بالمجلس الوطني لحقوق الإنسان أو وزارة حقوق الإنسان، فلماذا إضافة مندوبية جديدة بميزانية ضخمة لتصدر تقاريرا تزيد من التوتر السياسي والاجتماعي والبروباغندا الرخيصة. سيكون من الغباء من يعتقد في إقناع تقرير هذا المندوب للرأي العام الوطني والدولي بحقيقة وقائع الريف، المغاربة والعالم ليسوا أغبياء.
لو كان للدولة حس وطني غيور حقيقة، لكانت خصصت ميزانية هذه المندوبية لمتشفيات الحسيمة أو منطقة تعاني من ضعف النظام الصحي وهي كثيرة في مغرب 2019، لأن هذا الخصاص هو أصل الداء وليس تقارير تقوم بتزييف وتجميل واقع مأساوي نائتج عن سياسة الفساد التي أنهكت الوطن والشعب.