إلى جانب ما نعاينه حاليا في المجتمع المغربي من إدعاءات كثيرة للمهداوية، وظهور بعض من الأفراد بشكل دوري، يزعمون كونهم ما يعرف في التراث الإسلامي بالإمام المهدي. كذلك ظهر سابقا عدة مدعين للنبوة، خاصة في فترة ما سمي بالفتح الإسلامي لشمال إفريقيا.
في الريف لم يختلف الأمر عن بقية المغرب، فقد إحتضنت قبيلة “غمارة” الأمازيغية المتربعة على قلب جبال الريف بين تطوان والحسيمة “عدة أنبياء” وإعتبرت مهد الأنبياء في كامل أنحاء المغرب
وقد كان أبرزهم النبي “حاميم”.
*فمن هو حاميم وما قصته مع النبوة؟
بدأ حاميم دعوته كنبي سنة 315 هجرية، الموافقة ل927 ميلادية بقبيلة غمارة. وحسب كتاب: “العبر، وديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر، ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر” لصاحبه عبد الرحمن إبن خلدون. فقد كانت غمارة متذبذبة الولاء للأديان، وتعيش فوضى عقائدية لا تعرف الإستقرار. وهذا ما ساعد حاميم في دعوته، فقد آمن به وإتبعه كثير من الناس ووعدو بنشر أفكاره وعقيدته.
كما أورد المستشرق الفرنسي “ألفرد بيل” في كتابه: “الفرق الإسلامية في الشمال الإفريقي من الفتح العربي حتى اليوم” أن حاميم إستلهم إسمه من القرآن. فقد تعدد ذكر لفظ “حا” و “ميم” في سوره. كذلك كنى نفسه ب “أبو محمد” وآمن برسالة النبي محمد (ص) وإحترمه، وقدم نفسه كمصلح للإسلام، مثلما أصلح النبي محمد التوحيد في اليهودية والمسيحية!
* أركان، شرائع وعبادات حاميم:
التشريع الديني الذي دعا إليه لا يختلف كثيرا عن الإسلام، حيث بدل خمسة أركان من الإسلام إلى أربعة.
ووضع حاميم “قرآنا باللغة الأمازيغية” حسب ما حكي “ألفرد بل” في كتابه السالف الذكر، وهو ما أشار إليه أيضا إبن خلدون حيث قال في كتاب العبر: “وإجتمع إليه كثير منهم وأقروا بنبوته، وشرع لهم الشرائع والديانات من العبادات والأحكام، وصنع لهم قرآناً كان يتلوه عليهم بلسانهم”.
إضافة إليهما، فقد شرح ذلك بتفصيل المؤرخ المغربي “أحمد بن خالد الناصري” في كتابه “الاستقصا لأخبار دول المغرب الأقصى” عبادات حاميم على الشكل التالي:
– صلاتين في اليوم، واحدة عند طلوع الشمس والأخرى عند غروبها. بثلاث ركعات في كل صلاة، مع السجود وبطون أيديهم تحت وجوههم.
ومن قرآنهم الذي كانوا يقرؤونه بعد تهليل يهللون به بلسانهم: “خلني من الذنوب يا من خلى النظر ينظر في الدنيا أخرجني من الذنوب يا من أخرج يونس من بطن الحوت وموسى من البحر”. ثم يقولون في ركوعهم “آمنت بحاميم وبأبيه أبي يخلف من الله وآمن رأسي وعقلي وما يكنه صدري وما أحاط به دمي ولحمي وآمنت بتالية عمة حاميم أخت أبي يخلف من الله” ثم يسجدون.
– فرض صوم الإثنين والخميس إلى الظهر. وصوم الجمعة، وصوم عشرة أيام من رمضان ويومين من شوال. ولمن أفطر في يوم الخميس متعمدا فكفارته أن يتصدق بثلاثة ثيران. ومن أفطر في يوم الاثنين فكفارته أن يتصدق بثورين.
– فرض الزكاة العشر في كل شيء.
– أسقط الحج والوضوء والغسل من الجنابة.
– أحل لهم أكل الأنثى من الخنزير.
وقال لأتباعه إنما “حرم قرآن محمد (ص) الخنزير الذكر.
– أمر أن لا يؤكل الحوت إلا بذكاة (ذبح).
– حرم عليهم أكل البيض.
– حرم أكل الرأس من كل حيوان.
* نهاية أسطورة حاميم:
حسب كتاب: “الإستقصا لأخبار المغرب الأقصى”..
بعد سنتين من إنتشار أتباعه وتوسع دعوته، وصلت أخباره إلى “الناصر عبد الرحمن” حاكم قرطبة في الأندلس. فبعث إليه بجنود إلتقوه بقصر مصمودة عند أحواز طنجة، فقتلوا أتباعه وصلبوه في القصر، وقطعوا رأسه، ثم بعثوا به إلى الناصر بقرطبة.
عاد بعد هذه الواقعة ما بقي من أتباعه إلى الإسلام…
– ريف بريس : أمين أوطاح