حيث أنه في مشهد مأساوي؛ كانت الفتاة تودع صديقاتها بكل أسى، والدموع تنهمر من على وجنتيها وتقول لهن: “بابا أذيار ثاوارث” (والدي سيغلق الباب)… وتعني بهذا أن والدها سيقفل باب المنزل على أسرتها، لينتحروا بشكل جماعي، بعد أن بلغ بهم الضعف بسبب الجوع أشده…
لقد كان الريفيون في هذه الفترة التاريخية العصيبة، حينما يستنفذون مؤونة بيتهم، وتتعب معداتهم وتهزل، من جراء تناول نبات “قارنوش” (البكوكة، أو الصرين المغربي)، ولا تقوى حتى سيقانهم على الحركة… يعمد الأب إلى طلب المعونة من أحد جيرانه، ويخبره بأن الأجل قد وصلهم، وعليه أن يقوم بإقتلاع باب منزلهم، ويبني مكانه أحجار الطوب ليغلقه بشكل نهائي. في واحدة من أكثر المشاهد الإنسانية تراجيدية!
فهذا الخيار كانت تقدم عليه الأسر بالريف، من أجل الموت بكرامة، وعدم الإستجداء أو السرقة، التي كانت محرمة عرفيا، ولا تمت بصلة بهويتهم، حيث فضلوا الموت على فعل شيء كهذا.
إن أسلوب الإنتحارات الأسرية الجماعية في الريف، كان الأول من نوعه على مر التاريخ وبين جميع شعوب العالم. ويمكن إعتباره بمثابة فعل إحتجاجي وجودي راديكالي، ضد الأوضاع المزرية التي عانى منها الناس في تلك الفترة، حيث عبروا به عن عدم قبولهم بواقع مرير لا يتحكمون به.