لجا أباطرة المخدرات المقيمون بالخارج إلى الاستثمار في العقار بالشريط الساحلي لإقليم تطوان والجماعات التابعة له، مثل أزلا وزاوية سيدي قاسم، المعروفة بأمسا، وواد لو، وغيرها من الجماعات الأخرى الموجودة بدائرة تراب نفوذ الإقليم. وعاينت “الصباح”، خلال جولتها بالمنطقة، بعض المشاريع السكنية التي كلفت أصحابها الملايير، لكنها تظل مغلقة ولم تسوق بعد.
وأفادت مصادر بالمنطقة لـ”الصباح” أن بعض أباطرة المخدرات المستقرين بأوربا يوكلون أقاربهم للإشراف على إنجاز هذه المشاريع، ويتم تمويلها بأموال تجلب من الخارج يصعب تبرير مصادرها. واستغل هؤلاء الأباطرة عمليات إعادة هيكلة المنطقة وتأهيلها لتصبح قطبا سياحيا من أجل تركيز استثماراتهم في إنجاز منتجعات سياحية أو تجزئات سكنية.
ولا يقتصر الأمر على تجار المخدرات المقيمين بالخارج، بل أصبح تجار المخدرات المحليون وأباطرة التهريب يستثمرون بالقطاع العقاري بعدما قدمت السلطات بهذه المناطق تسهيلات لجلب الاستثمارات إلى هذه المناطق. وعاينت “الصباح” بجماعة واد لو مشاريع متوقفة ومشمعة تبين أن أصحابها متورطون في الاتجار الدولي للمخدرات، ويوجدون في السجن أو في حالة فرار.
ويوجد بعض هذه المشاريع السكنية، التي توقف البناء بها وتم تشميعها، في مناطق ممنوع البناء بها وفي مداخل الجماعات، بل على جنبات بعض المنعرجات الطرقية. وتتساءل جمعيات محلية عن الطريقة التي حصل بها أصحاب هذه المشاريع على رخص البناء، علما أن التوقيف لم يتم إلا بعد أن أشرفت العمارات السكنية على نهايتها.
وجدير بالذكر أن عامل عمالة إقليم تطوان تقدم بطلبات لعزل عدد من رؤساء الجماعات بسبب خروقات في مجال التعمير، إذ تم توقيف رئيس جماعة بن قريش، وتقدم بطلبات للمحكمة الإدارية من أجل عزل عدد من الرؤساء الآخرين، مثل رئيس “أزلا”، الذي أصدرت المحكمة قرارا بعزله وإلغاء الرخص موضوع طلب العزل. كما أحال أوراق رئيس جماعة واد لو على القضاء من أجل البت في عزله، بعدما وقفت لجنة الداخلية على خروقات تعمير بالجماعة، وهم العزل أيضا جماعة زاوية سيدي قاسم (أمسا).
وأكدت مصادر لـ “الصباح” أن أجهزة أمنية، متخصصة في التعاملات المالية، بصدد تعميق البحث في مختلف المشاريع المشتبه فيها من أجل تحديد مصادر تمويلها والتدفقات المالية في حسابات أصحابها وأقاربهم والأشخاص الذين لهم علاقة بها. وتعمل هذه الأجهزة بتنسيق مع سلطات الرقابة المالية، خاصة مكتب الصرف، باعتباره دركي التحويلات المالية بين المغرب والخارج، وبنك المغرب، الذي يمثل سلطة الرقابة على المؤسسات البنكية. وتباشر لجنة من المجلس الأعلى للحسابات تحقيقات في جماعات الشمال من أجل تعميق الأبحاث في الاختلالات التي وقفت عليها لجنة الداخلية. ولم تستبعد المصادر أن تسقط رؤوس وازنة بعدالانتهاء من التحقيقات الجارية حاليا، بالنظر إلى خطورة الأفعال المرتكبة، إذ ينتظر أن تتم إحالة الملفات التي تكتسي طابعا جنائيا على القضاء.