ييدو أن مشكلة النيكرو البحري الذي يعاني من تبعات أفعاله بحارة الحسيمة، ليست هي المشكلة الوحيدة التي تأرق خليج الحسيمة، وتدمر التوازن البيولوجي في المنطقة. فنحن اليوم أمام “نيكرو بشري” أناني، إختار سلاح التدمير الذاتي لنفسه ولبيئته دون أي مراعاة للمستقبل وللثروة البحرية.
هذا النيكرو البشري الذي يتمثل في بعض بحارة الزوارق التقليدية الصغيرة، إلى جانب كثير من ساكنة الحسيمة، من الذين يساهمون منذ وقت بعيد في تدمير الثروة البحرية للمنطقة. إختاروا الإغارة على نوع صغير من الأسماك يعرف محليا ب “شانكيتي”، وهو عبارة عن سمك جنيني دقيق في بداية عمره، لأسماك مثل: السردين، الشرن، الشطون… وأنواع أخرى، تصطاد هي الأخرى في مراحل باكرة، مما يساهم في إنقاص أعدادها بشكل موهل، دون مراعاة الراحة البيلوجية للخليج، حيث كيلوغراما واحدا من سمك الشانكيتي، من المرجح أن ينتج مستقبلا إلى ما يصل إلى عشرة صناديق من الأسماك السطحية المتوسطة، بالإضافة إلى تفريخ عدد كبير من الأسماك الوليدة. إلا أن جشع هؤلاء يجعلهم متغافلين عن التدمير العشوائي الحاصل هنا لبيئة المنطقة، والذي سيزيد من تعميق أزمات إقتصادية جديدة بميناء الحسيمة، الشريان الحيوي الرئيسي للمدينة.
وسط هذا التهافت الغير مبرر لإقتناء أسماك الشانكيتي الجنينية، تزيد ساكنة الحسيمة من تشجيع بحارة الزوارق التقليدية على جشع صيده، في غياب تام للضمير السليم في هكذا أفعال جرمية، تمس تبعاتها مقترفيها أولا.
لا ندري إلى اليوم لماذا تمر هذه الأفعال مرور الكرام بالإقليم؛ كون أن القانون واضح في هذه النازلة فطبقا لمشروع قانون رقم 12-15 الذي يتعلق بالوقاية من الصيد غير القانوني وغير المصرح به وغير المنظم والقضاء عليه ويغير ويتمم بموجبه الظهير الشريف بمثابة قانون رقم 255-73-1 الصادر في 27 من شوال 1393) 23 نوفمبر 1973 (المتعلق بتنظيم الصيد البحري الذي جاء في فحوى مادته 5:
أن الأصناف البحرية التي لم تصل إلى الحجم القانوني المطلوب أخذا بعين الاعتبار “للصنف المعني” (أي الحجم الطبيعي للأسماك كالسردين…) تمنع منعا تاما من صيدها أو بيعها. مع ذلك نجد أن مقترفي هذا العمل المضر وغير القانوني، يستمرون في أفعالهم هذه، دون أي محاسبة أو تحذير أو توقيف أو مصادرة لسلعهم أو زوارقهم، من أجل حماية الساحل الحسيمي من هذا التدمير الحاصل. فنظل نتساءل مثلنا مثل بقية ساكنة الإقليم: إلى متى هذا الإستهتار بالثروة البحرية للمنطقة؟ في وقت نحن في أمس الحاجة إلى تثمينها وليس العكس – في القضاء عليها مثلما يقع اليوم.
ريف بريس: متابعات